كل إنسان له عقل سليم : يجد استراحة طيبة في الشعر ، ولذة لطيفة في قصائده ، وحلاوة روحية في أبياته ، ومقاصد نفيسة في دواوينه ، فإن في الشعر ما تهتز له الروح ، وما تطرب له النفس ، وما يقف على أطلاله العقل متعجبا ومن اهتماماته متعلماً ، ويتحير أمامه الفكر متفكراُ ومتدبراً ، ويعجب الروح فترنوا لحسنه تعظيماً، وتشتهيه ذائقة النفس فتحفظه وتلفظه ترنيماً ، فيجد الإنسان فيه ضالته المعبرة عن حاله ومقاله ويكون فيه غايته ومناله .
ولو لم يكن كل الناس شعراء : ولا كلهم ممن يقول الشعر ، ولكن تجد كثير منهم ممن هم ناقل له ومتلفظ لمقاله ، وذلك لكون معناه يفي بغرضه ويعبر عن مكنون ذواتهم ، ويبرز لكثير مما هو موجود في وجدانهم و يناسب حالهم ، فلذا تجد في كل زمان ناقل للشعر وراوي ومدون ومستمع ومطرب له وبه وان لم يكونوا شعراء .
والشعر تراه يطرق جميع آفاق الشؤون الإنسانية : وجمع مجالات الحياة الاجتماعية والعقائدية والسياسية والعاطفية ، فلذا تجد في الشعر أبوابا كثيرة منه ما يعبر عن الحب والشوق والغزل واللهو والمدح والرثاء إلى الحماسة والجد والذم والهجاء ، إلى الشعر العلمي والعقائدي والمذهبي والسياسي ، معبر عنها بأرق الأبيات وأجمل القصائد و بأحسن صورة خيالية أو واقعية خلابة .
فترى الشعر تمازج أبياته الروح : فتهز فيها المشاعر الجياشة والتواقة للمزيد منه ، ومن قصائده ما تخالط الأدمغة وتحرك الروح فتفرحها أو تحزنها ، ولما للشعر من بلاغة في تعبيره وحسن في أسلوبه ، ترى كل إنسان يهمه شيء منه أن لم يحفظه فعلاً تراه يجمعه أو يدون منه ما يناسب حاله وغرضه على أمل حفظه أو نشره ، كما لا يوجد أن إنسان يقلي الشعر ويبغضه ، كما يندر وجود من لم يحفظ منه شيء و ينقله .......