كذب المنجمون و لو صدقوا
يجب ان تعلم عزيزي الزائر ان الابراج لا تمكنك من معرفة المستقبل و ما يخفيه لك , فالمستقبل و علم الغيب في علم الله وحده و تحت قدرته , اما ما نعرضه لك هنا فهو ناتج عن الملاحظة و المتابعة لتشابه و اختلاف و صفات فردية و مشتركة لافراد يجمعهم برج معين
برج العقرب
الصفات العامة لبرج العقرب
العقرب – حسب معناه في القواميس اللغة – حشرة ليلية لها ذيل معقوف تستعمله في حالتي الهجوم و الدفاع و تبخ بواسطته سما زعافا يشل حركة الضحية و يودي بحياتها في كثير من الأحيان . أما في لغة الأبراج فالعقرب إنسان غير عادي يتمتع بصفات غير عادية تشبه من نواح كثيرة صفات الحشرة المذكورة و إن كانت أقل منها فتكا و أذى حقيقيا . و كما تسرح حشرة العقرب في سكون الليل و ظلامه كذلك يفعل إنسان برج العقرب , يظل متخفيا متكتما في النهار و الليل وراء قناع خارجي يخيل للناظر أنه وجهه الحقيقي بينما هو في الواقع وجه مزيف بينه و بين الوجه الصحيح المختبئ وراءه فرق شاسع .
بالرغم من ذلك يمكن التعرف إلى هذا الإنسان بواسطة أمرين : أولا عيناه الثاقبتان اللتان تشعران المرء بالقلق و الضيق , و ثانيا صوته الذي لا يمر دون أن يترك في السامع أثرا غريبا سواء أكان من النوع الأجش أو الحاد أو المخملي . يضاف إلى ذلك مظهر خارجي حاد في جميع تفاصيله . لكن الأهم من ذلك هو تأثير إنسان برج العقرب في الأجواء التي يوجد فيها . إن أي مكان يجلس فيه أو يدخل إليه فجأة يصبح أشبه شيء بحقل من الكهرباء أو المغنطيس أو الذرة . إنه بكلام آخر " يشرقط " الجو كما يقولون عادة .
لقد تأثر إنسان برج العقرب عند ولادته بالكوكب السيار أفلاطون ( بلوتو ) الذي أمده بقدرة التحكم في قسمات وجهه و مشاعره الداخلية على النحو الذي يريد . و لهذا السبب يستطيع الاحتفاظ بجموده العجيب في جميع الظروف و الأحوال دون أن يضطر إلى الضحك أو العبوس أو الصراخ أو القهقهة أو القفز أو الركض أو حتى مجرد الانحناء الخفيف أو الانتصاب الخفيف لسبب أو لآخر . و إذا بدا عكس ذلك في بعض الأحيان كان السبب غاية في نفسه فرضت عليه تمثيل دوره الجديد عن قصد و سابق تصميم الأمر الذي يثبت صحة ما ذكرناه , قبلا وهو أن وجه العقرب الخارجي ليس سوى وجه مزيف بينه و بين وجهه الحقيقي فرق شاسع .
إن أكثر الأشياء وضوحا عند هذا الإنسان هو " الأنا " . فهو يعرف تماما من هو و ماذا يريد من نفسه ومن الآخرين . و لذلك يستحيل تحريكه بكلمة خير أو شر , و لأنه يرفض التودد سواء منه أو إليه , يصدر أحكامه بصدق جارح في كثير من الأحيان . معارفه فئتان : أصدقاؤه المعجبون و المتعلقون به و أعداؤه الألداء . بين الفئتين لا وجود لأحد على الإطلاق لأن من الصعب على أي كان الاحتفاظ بشعور اللامبالاة تجاهه . كان علماء الفلك قديما يرمزن إلى مواليد برج العقرب بواسطة أفعى أو ضب أو نسر في بعض الأحيان , و سبب ذلك يعود ولا ريب إلى تعدد الأدوار و الشخصيات التي ينجح في أدائها . فهو بحسب الظروف و الأوضاع – تارة عقرب سام يؤذي لمجرد اللذة ولا يتورع حتى في أذية نفسه , و طورا ضب قاصر لئيم يعيش في الظلمات و الخوف , و أحيانا يتحول العقرب أو الضب إلى نسر عظيم يحلق في الأجواء متحديا الفشل و المرض و الفقر , حتى الموت نفسه . هنا يبلغ الإنسان العقرب أسمى درجات الشجاعة و التفاؤل و العظمة .
شجاعته في الواقع مضرب الأمثال . إنه رجل الساحة وقت الحروب و الزلازل و الحرائق و جميع الكوارث التي فيها تحد لشجاعة الإنسان و حياته . إخلاصه لعمله و عائلته و أصدقائه يدفعه إلى الإلقاء بنفسه في التهلكة دون تردد إذا عرف أن في موته خلاص للآخرين . أمر قد لا يصدق و لكنه الواقع : هذا الإنسان القوي المتسلط إلى أقصى الحدود يتعلق أحيانا بالدين و يتعمق في أسرار الحياة و الموت و يحمي الأطفال و الضعفاء و يداوي النفوس و الأجسام المريضة مثله في ذلك مثل القديسين في تضحيتهم و عطائهم . مقابل هذا قد تطرأ ظروف عكسية تحوله إلى شيطان يزرع الفساد و الشر و يقابل الإساءة بأضعافها , و إذا لم يتسن له الانتقام سكت على الضيم مكرها و شعر من جراء ذلك بمرارة شديدة قد تسبب له مع الوقت مرضا حقيقيا.
إذا تتوقف حالة هذا الإنسان الصحية إلى حد بعيد على مزاجه و ظروفه المعيشية . قد يصاب بالمرض بسبب الإفراط في الطعام و الشراب و التدخين و أحيانا الإدمان على المخدرات و العقاقير , و لكنه يستطيع الشفاء أيضا بفعل إرادته القوية . هذا و عليه أن يحتاط لنفسه من خطر النار و المتفجرات و الغازات السامة و الإشعاعات الذرية و غير ذلك من العوامل التي تندفع نحوها و تنجذب إليها طبيعة التحدي فيه .
يستطيع إنسان برج العقرب الإبداع في أي عمل يمارسه . و خصوصا في الجراحة و السياسة و التلحين و التمثيل و الأدب و الجاسوسية و البوليس , حتى في حفر القبور . طموحه على كل حال كفيل بإيصاله إلى حيث يصبو مع أنه يسير نحو أهدافه بكل حذر و تؤدة و دون أن تظهر عليه بوادر الاهتمام أو المنافسة . هذا من جهة , من جهة ثانية قد يتحول اهتمامه بالدين إلى الاهتمام بالسحر و التنجيم و قراءة الكف وعلوم أخرى كانت منتشرة فيما مضى . يقال إن هذا الإنسان يرمز في علم الفلك القديم إلى البعث و القيامة و لهذا السبب ساد الاعتقاد أن ولادته ترافقها دائما وفاة قريب له إما خلال السنة التي تسبقها – أي تسبق الولادة – أو خلال السنة التي تليها .
--------------------------------------------------------------------------------
الرجل العقرب
يصح في هذا الرجل المبدأ القائل : درهم وقاية خير من قنطار علاج . هذه العبارة هي بمثابة نصيحة منا لجميع المتعاملين مع رجل برج العقرب بوجه عام و للمرأة بوجه خاص . من الخير لها أن تتسلح بدرع واق قبل محاولة التعرض له من قريب أو بعيد لأن في التعرض له خطر الانفجار أو الاحتراق المعنوي على الأقل . من الصعب على أي ٍ كان تصديق مثل هذا الكلام في الوقت الذي يبدو فيه هذا الإنسان على هذا النحو من الهدوء و السكينة . لكن شتان ما بين ما يظهره و بين ما يخفيه . إن ما يظهر منه ليس سوى قناع مزيف يقصد منه تضليل الآخرين أما ما يخفيه فهو حقيقته التي تتلخص بكلمة واحدة هي : الانفعال .
يعتقد البعض أن رجل برج العقرب إنسان طيب أقرب إلى السذاجة , بينما يعتقد البعض الآخر أنه لئيم محب للغدر . وهو في الواقع خلاف الحالين . إنه بالضبط إنسان مفطور على حدة الذكاء و الإرادة و الانفعال في وقت واحد , أي أن قهره صعب مهما حاول البعض . و إذا بالغ أحد في الإساءة إليه رد بالانفجار و بتحطيم كل ما حوله . أقوى ما في هذا الرجل القوي عيناه الحادتان اللتان تستطيعان اختراق أعماق أي كان و بث جميع الأفكار و المشاعر التي يريدها فيه . هذا الإنسان المتسلط القوي الإرادة يهدف إلى الحقيقة أينما كانت سواء في الحياة أو الموت أو المرض أو الحب أو الدين , و لذلك يؤمن بالتعمق و يكره السطحية إلى أقصى حد , و قد لا يوازي كرهه لها سوى كرهه للخسارة , فهو إن فقد شيئا مهما كان تافها أو قليلا يثور من الداخل إلى درجة الألم أو المرض دون أن يطرف له جفن .
الرجل – العقرب إما متدين أو ملحد أو عنده من الرياء المقصود ما يكفي القيام بالدورين معا . إن القوانين التي يسير عليها من صنعه دائما . أهدافه واضحة و كذلك سبل الوصول إليها . وهو في سبيلها لا يأبه للصعاب أو الأخطار أو حتى الموت . هذا الرجل صعب في اختيار الأصدقاء لا لسبب سوى أنه ينشد أعلى المستويات في علاقاته بالآخرين ولا يتورع أحيانا عن استعمال القسوة و الأساليب السادية حتى مع المرأة التي يحب . على الرغم من ذلك يغار عليها بشدة و يتألم إذا حاولت الانعتاق منه و لكنه يكتم ألمه و يقابل أخطاءها بالعنف و التحدي و لو اضطر إلى تحكيم قلبه و سعادته . مقابل ذلك غيرتها هي لا تزعجه على الإطلاق ولا تحول دونه و الاهتمام بالنساء الأخريات مع أنه قوي جدا تجاه الإطراء و الغزل , و من النادر إن لم يكن من المستحيل أن يفقد السيطرة على نفسه في المواقف العاطفية .
من الطبيعي أن يكون الرجل – العقرب أبا صارما على الرغم من حبه الشديد لأولاده . فهو لا يسمح بأن يتجاوزوا معه حدود الأدب و الطاعة و لكنه يعلمهم في الوقت نفسه احترام الذات و الاعتماد على النفس . من الجائز أن يتألموا ضمنا بسبب برود مظهره , و لكنهم يجلونه بكل تأكيد و يثقون بأقواله و أعماله ثقة عمياء .
نعود إلى علاقة هذا الإنسان بزوجته فنجد أنها تقوم على أساس السيادة من جهته و الطاعة من جهتها . ذلك هو المبدأ الذي لا يحيد عنه في حياته العاطفية . وهي – أي زوجته – بقبولها ذلك المبدأ تحصل على مميزات لا تنالها أية امرأة أخرى في الحب . يكفي أن تعلم أن السعادة و الرضى تحولان زوجها من عقرب سام إلى نسر عظيم يحلق في الأجواء لا وحده بل برفقتها دائما , وأن في استطاعته أن يعرفها إلى أسرار و مفاتن يجهلها جميع الذين يفتقرون إلى معدنه و طينته العظيمتين .