إن الصوم والصلاة لا تقتصر فوائدهم على الجانب الروحي والعبادي فقط بل تمتد آثارهم على الجانب العضوي فمثلا إذا كنت تعاني من الفطريات والالتهابات المستمرة فعليك بالوضوء.. أما إذا كنت تعاني من الإحباط والاكتئاب المستمر فعليك بالصلاة. أما الصيام فهو أفضل ريجيم صحي بدون سلبيات.. هذا ما أثبتته أحدث دراستين بريطانية وأمريكية, وهو ما توصل إليه القرآن الكريم والسنة النبوية قبل 14 قرناً وهو ما يعد إعجازاً طبياً بكل المقاييس... أما كيف ذلك، فإلى التفاصيل:
منتهى الراحة النفسية
في أحدث دراسة قام بها د.فكرى عبد العزيز - استشاري الطب النفسي وعضو الاتحاد العالمي للصحة النفسية - يقول فيها: الصلاة تساعد على تهدئة النفس وإزالة التوتر لأسباب كثيرة أهمها شعور الإنسان بضآلته، وبالتالي ضآلة كل مشكلاته أمام قدرة وعظمة الخالق فيخرج المسلم من صلاته وقد ألقى كل ما في جعبته من مشكلات وهموم وترك علاجها وتصريفها إلى الله, وكذلك تؤدى الصلاة إلى إزالة التوتر بسبب عملية تغيير الحركة المستمرة فيها مما يحدث استرخاء فسيولوجيا مهماً للجسم, ومن المعلوم أن البحوث العلمية الحديثة أثبتت أن مواقيت الصلاة تتوافق تماما مع أوقات النشاط الفسيولوجي للجسم مما يجعلها وكأنها القائد الذي يضبط إيقاع عمل الجسم كله كما أثبتت أيضاً أن للصلاة تأثيرا مباشرا على الجهاز العصبي إذ إنها تهدئ من ثورته وتحافظ على اتزانه, كما تعتبر علاجا ناجحا للأرق الناتج عن الاضطراب العصبي, ومن هنا فإن الاستقرار النفسي الناتج عن الصلاة ينعكس بدوره على الجسم ككل مما يزيد من جهاز المناعة ومقاومة الجسم للأمراض وسرعة تماثله للشفاء ويضيف د. فكرى: بالنسبة للصوم له فوائد كثيرة فى تعديل تفكير الفرد وسلوكه والتخلص من بعض الانفعالات السلبية الضارة، لأن الصيام يصاحبه جو إيماني والتزام بآداب وأخلاقيات الصوم مما يؤدى إلى غرس القيم والمفاهيم الايجابية فى الفرد مثل الصبر والشفقة والصدق وعدم قول الزور والاستقامة وكظم الغيظ والغضب.
التوازن النموذجي
أما الدكتور/ محمد ضياء الدين حامد -أستاذ العلوم البيولوجية بهيئة الطاقة الذرية- فيقول: للصلاة فوائد طبية كثيرة كما أكد عليها القرآن الكريم وأحاديث الرسول -صلى الله عليه وسلم- منذ ما يزيد عن 14 قرنا عن طريق إعادة التوازن النموذجي للمجال الحيوي المحيط بالإنسان وتحسين مسارات الطاقة في الجسم في عملية غسل الأعضاء المعرضة دائما للأتربة في الوضوء من جسم الإنسان لا شك أنها في منتهى الأهمية للصحة العامة, فأجزاء الجسم تتعرض طوال اليوم لعدد مهول من الميكروبات التي تضر الجسم من خلال المناطق المكشوفة منهم, وهذا ما أكده القرآن الكريم في قول الله سبحانه وتعالى: "يا أيها الذين آمنوا إذا قمتم إلى الصلاة فاغسلوا وجوهكم وأيديكم إلى المرافق وامسحوا برؤوسكم وأرجلكم إلى الكعبين". وعن أبى هريرة رضي الله عنه قال. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم"ألا أدلكم على ما يمحو الله به الخطايا ويرفع به الدرجات؟ قالوا بلى يا رسول الله .. قال: إسباغ الوضوء على المكاره, وكثرة الخطى إلى المساجد وانتظار الصلاة بعد الصلاة فذلكم الرباط". أي الجهاد في سبيل الله وكررها ثلاث مرات". وقد ثبت علميا أن للوضوء فوائد منها بالنسبة للمضمضة تجد أنها تحفظ الفم والبلعوم من الالتهابات والفضلات الغذائية التي تبقى بعد تناول الطعام، إلى جانب أنها تقوي عضلات الوجه وتحفظ له نضارته وحيويته.
ثانياً:
غسيل الأنف يمنع الجراثيم والميكروبات والأتربة من التواجد في تجويف الأنف مما ينعكس على الحالة الصحية للجسم ويحمى الإنسان من خطر انتقال الميكروبات من الأنف الأخرى إلى الأعضاء الأخرى في الجسم.
ثالثا:
غسل الوجه واليدين يعمل على إزالة العرق من سطح الجلد, كما أنه ينظف الجلد من المواد الدهنية التي تفرزها الغدد الجلدية التي تعتبر موطنا لنمو وتكاثر الجراثيم.
رابعا:
غسل القدمين والتدليك بين الأصابع يمنع تكوين الميكروبات والبكتريا وتخمر الجلد وهذا يفسر قلة الإصابة بمرض القدم السكرية بين المسلمين إلى جانب أن الوضوء ينشط الدورة الدموية ويحمى الجلد من الأشعة الضارة لما يحدث من ترطيب دائم لسطح الجلد بالماء.
المنظومة الصحية
كما يشير د. محمد ضياء إلى أن المنظومة الصحية تكتمل في شهر رمضان حيث الوضوء والصلاة بخشوع والجو الإيماني والروحاني لهذا الشهر الكريم ناهيك عن فوائد الصيام في حد ذاتها, يقول تعالى: "يا أيها الذين آمنوا كتب عليكم الصيام كما كتب على الذين من قبلكم لعلكم تتقون". وأيضاً قوله تعالى: "وأن تصموا خيرا لكم إن كنتم تعلمون". والطب الحديث لم يعد يعتبر الصيام مجرد عملية إرادية يجوز للإنسان ممارستها أو الامتناع عنها، لكنه يعتبرها ظاهرة طبيعية وضرورية يجب للجسم ممارستها حتى يتمكن من أداء وظائفه الحيوية بكفاءة, وحديث الرسول -صلى الله عليه وسلم- "صوموا تصحوا" إعجاز علمي توصلت إليه الدراسات مؤخراً، حيث إن الصيام يساعد الجسم على القيام بعملية الهضم التي تتخلص من الخلايا القديمة والزائدة والتالفة مما يتيح للجسم فرصة ذهبية كي يسترد خلالها حيويته ونشاطه، كذلك يقي الصوم الجسم من الزيادات الضارة من الحصوات والرواسب والزوائد اللحمية والأكياس الدهنية ويعتبر أرخص وأفضل ريجيم صحي بشرط أن يصاحبه اعتدال في كمية الطعام وقت الإفطار.
حل لمشاكل العظام
ومن جانبه يقول الدكتور/ محمد السبكي -أستاذ جراحة العظام بكلية طب قصر العيني ومدير مركز جراحة العظام بمعهد ناصر-: هناك اعتقاد خاطئ وشائع بين الناس أن الصلاة تضر بمريض المفاصل والروماتيزم, لكن الحقيقة أنها تتميز بقدر عجيب من الانسيابية والانسجام والتعاون ما بين قيام وركوع وسجود وجلوس بين السجدتين وكل هذه الحركات تفيد كنوع من العلاج الطبيعي لحالات الشيخوخة التي يصاب فيها البعض بتآكل الغضاريف وتيبس المفاصل وتعمل على تقوية عضلات البطن والظهر, ومفيدة لتنشيط العضلات والدورة الدموية فالمفاصل خلقت للحركة وليس للسكون وتتغذى من خلال هذه الحركة فلا توجد دورة دموية مباشرة تغذى المفاصل من الداخل, والصلاة تقوم بهذه المهمة بما يمنع ضمور العضلات, كما أنها تساعد على تليين المفاصل وتخفيف تصلبها.
ويضيف د. السبكي قائلاً : من فوائد الصلاة أيضاً أنها تقوى عضلات البطن وتمنع تراكم الدهون التي تؤدى إلى البدانة والترهل فتمنع تشوهات الجسم وتزيد من رشاقته إلى جانب أن حركات الصلاة تمنع تقلص العضلات مما يجنب الإنسان المسلم الكثير من الأمراض وبالأخص العظام والتي تصيب الإنسان خاصة إذا حرص على الاستمرار في أداء الصلاة.