[size=24]السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ..
الحمد لله الذي قرب الطائعين إليه قربا , وأسدل على عباده العاصين سترا , وما منع عن مخلوق رزقا ..
اللهم صل على محمد وعلى آل محمد , كما صليت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم , إنك حميد مجيد ..
اللهم بارك على محمد وعلى آل محمد , كما باركت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم , إنك حميد مجيد ..
أما بعد :-
نواصل اليوم إن شاء الله تعالى دروس مصطلح الحديث , ومع الدرس الثاني ..
__________________________________________________ _
تحدثنا في الدرس الماضي عن معنى الحديث والغرض من عِلم الحديث , وعن السند والمتن , وأصناف الحديث ..
أحيانًا ما نسمع تلك الكلمات ( الصحابي - التابعي - تابع التابعي ) ...
فمن هو الصحابي ؟
***************
للصحابي , تعاريف كثيرة , لكن ما إتفق عليه أهل الحديث وأغلب الفقهاء إن شاء الله هو الآتي ..
( هو كل مُسلم لقى النبي صلى الله عليه وسلم , وآمن به ومات على الإيمان ولو تخلل هذا ردة ) والصحابة كلهم ثقات وعدول ..
من هو التابعي ؟
************
هو كل مُسلم لقى صحابي , في حالة الإيمان ومات على هذا , ويجب أن يكون ثقة وعدل ..
من هو تبع التابعي ؟
****************
هو من لقى تابعي في حالة الإيمان , ويشترط لقبول روايته أن يكون ثقة وعدل ..
ما معنى العدل ؟
أن يكون الراوي مشهور عنه الصلاح والفلاح , ملازمته للتقوى والأمانة والصدق ,غير فاسق ولا مبتدع و....
ما معنى ثقة ؟
ومعناها أوسع وأعم من ( العدل ) , فالثقة بالإضافة لمعاني ( العدل ) تشمل ( الضبط ) والإتقان , والمراد بالإتقان أن يكون الراوي , جيد الحفظ , يحفظ الراوية دون أن يضيف عليه أو ينتقص منه من وقت الإستماع وحتى وقت الإلقاء ..
إستمع إلى الرواية كما يجب ..
والثقة معرفتها هامة جدًا , لأننا من خلال كون ( الراوي ) ثقة نقدر نقول الحديث ده صحيح أو حسن ( الثقة نقصت ) , أو ضعيف ( الثقة نقصت بشكل أكبر ) ..
والثقة أحيانًا لا تؤثر على ( العدل ) , بمعنى ممكن تلاقي ( راوي ) مشهور عنه الصلاح والفلاح وأنه من أهل الخير , لكنه ( ينسى كثيرًا ) أو ( سئ الحفظ ) , وبالتالي ما يرويه من روايات , تنقص درجة صحتها بنقصان الثقة فيه ..
فمثلًا تلاقي في كتب ( الجرح والتعديل ) = ( عِلم الرجال ) , والعِلم ده خاص بحال الرواة , ومن أهم أهم العلوم التي يحتاجها من يشتغل بصناعة الحديث , لأننا من خلاله نقدر نعرف حال الراوي , صادق ولا كاذب ؟ جيد الحفظ ولا سئ الحفظ ؟وهكذا ..
تلاقي عبارة ( صدوق سئ الحفظ ) ..
هنا الراوي , إنسان صادق ولا يكذب , لكنه لا يجيد الحفظ , يعني ممكن يضيف على الراوية وممكن يحذف منها ..
وإليكم هذا المثال التطبيقي على معاني الصحابي والتابعي وتبع التابعي ..
في صحيح البخاري ..
حدثنا مكي بن إبراهيم قال حدثنا يزيد بن أبي عبيد عن سلمة قال :
سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول ( من يقل علي ما لم أقل فليتبوأ مقعده من النار )
نطبق الدرس السابق , ما هو السند في هذا الحديث ؟
ج :حدثنا ( البخاري ) مكي بن إبراهيم قال حدثنا يزيد بن أبي عبيد عن سلمة ..
ما هو المتن ؟
ج : قوله صلى الله عليه وسلم ( من يقل علي ما لم أقل فليتبوأ مقعده من النار ) ..
ما هي طبقات هذا السند ؟
ج : 1- طبقة الصحابة , ويمثلها سلمة >> سلمة بن الأكوع ..
2- طبقة التابعين , ويمثلها يزيد بن أبي عبيد ..
3- طبقة تبع التابعين , ويمثلها مكي بن إبراهيم ..
4- طبقة الآخذين عن تبع التابعين , ويمثلها الإمام البخاري ...
وهذا النوع من الأحاديث يُسمى ( ثلاثيات البخاري ) ..
ما معنى ( ثلاثيات البخاري ) ؟
ج : أن عدد الرواة بين الرسول صلى الله عليه وسلم وبين البخاري , ثلاثة فقط ..
( سلمة بن الأكوع - يزيد بن أبي عبيد - مكي بن إبراهيم ) = 3
__________________________________________________ _____________
ننتقل الآن لجزئية أخرى ..
أحيانًا تكون هناك كلمات تتشابه مع معنى ( الحديث ) , مثل وكما جاء في ( الخبر ) , كما جاء في ( الأثر ) ..
فما هو الفارق بين الخبر و الأثر والحديث ؟
قلنا أن الحديث >> هو ما أضيف إلى سيد الخلق صلى الله عليه وسلم من قول أو فعل أو تقرير أو صفة ( بخلاف القرآن الكريم ) ..
الأثر >> قيل هو مساوي لمعنى الحديث , قيل أنه مغاير لمعنى الحديث فهو ما أضيف إلى الصحابي , وأيضـًا هو ما أضيف إلى التابعي فمن أقل منه ..
الخبر >> قيل أنه مساوي للحديث , قيل أنه مختلف عن الحديث , قيل أنه أعم من الحديث وهو القول الذي رجحه بن حجر العسقلاني , فالخبر يشمل الحديث والأثر ..
إذا فالخبر أعم من الحديث وأشمل منه , يبقى كل حديث خبر ومش كل خبر حديث ..
كل أثر خبر , لكن ليس كل خبر أثر ..
فكما قلنا ( الخبر ) أعم وأشمل من الحديث والأثر ..
وحتى نفهم تلك الجزئيات بشكل أكبر , نحتاج لشرح مصطلحات جديدة , والجزئية القادمة مهمة , فأرجو الإنتباه لها ..
أحيانا نسمع في التعليق على حديث , رواه البخاري مرفوعًا , أو أوقفه على أبو هريرة , أو هذا الخبر مقطوع ..
فما معنى هذا ؟؟
ما هو الحديث المرفوع ؟
******************
هو الحديث الذي يتم نسبته إلى سيد الخلق صلى الله عليه وسلم قولًا أو فعلًا أو تقريرًا
وأحيانًا يقال أن الحديث مرفوع صراحة , كما في التعريف السابق ..
وأحيانًا يقال أن الحديث مرفوع حُكمـًا أو غير صريح , وهو قول الصحابي أو فعله الذي لا يمكن أن يكون من قبيل الإجتهاد في الرأي , كالإخبار عن ( فتن ) قادمة مثلًا ..
وفي الغالب , الحديث المرفوع , مثلما قلنا , هو الحديث الذي يتم نسبته إلى سيد الخلق صلى الله عليه وسلم قولًا أو فعلًا أو تقريرًا ..
ما هو الحديث الموقوف ؟
*******************
هو ما أضيف للصحابي من قول أو فعل ( لاحظ إن الصحابي لا يملك حق التقرير على عكس الحديث المرفوع , لأن التقرير خاص بسيد الخلق صلى الله عليه وسلم فقط )
ولكي تتضح الصورة أكثر , لنضرب مثال نوضح فيه تلك التعاريف ..
أتى في صحيح البخاري في كتاب ( الوضوء ) باب ( إذا أدخل رجليه وهما طاهرتان ) ..
حدثنا أبو نعيم قال حدثنا زكرياء عن عامر عن عروة بن المغيرة عن أبيه قال :
كنت مع النبي صلى الله عليه وسلم في سفر فأهويت لأنزع خفيه فقال ( دعهما فإني أدخلتهما طاهرتين فمسح عليهما ) ...
وضّح السند ؟
ج: 1- أبو نُعيم ( أبو نُعيم الفضل بن دكين )
2- زكرياء ( زكرياء بن أبي زائدة )
3- عامر ( عامر بن شراحيل الشعبي )
4- عروة بن المغيرة
5- أبيه ( هو المغيرة بن شُعبة ) >> صحابي جليل ..
طبعًا بخلاف البخاري ..
أين المتن ؟
( دعهما فإني أدخلتهما طاهرتين فمسح عليهما ) ..
أين الحديث الموقوف ؟
قلنا الحديث الموقوف , هو أي كلام أو فعل صادر من الصحابي , ومثاله في الحديث السابق ..
( كنت مع النبي صلى الله عليه وسلم في سفر فأهويت لأنزع خفيه ) , المغيرة بن شعبة , هنا هو المتحدث , بيقول كان في سفر مع سيد الخلق صلى الله عليه وسلم , فحاول أن ينزع ( خُف ) النبي صلى الله عليه وسلم..
يبقى الحديث الموقوف ( ويسمى الأثر ) , هو الفعل أو القول الذي يصدر من الصحابي , وليس من النبي صلى الله عليه وسلم , فمثلا إحنا وجدنا المغيرة بن شعبة يقول ( كنت مع النبي صلى الله عليه وسلم في سفر ) ده كلامه
( فهويت لأنزع خفه ) ده فعله ..
طيب أين هو الحديث المرفوع ؟
قلنا إن الحديث المرفوع ما أضيف لسيد الخلق صلى الله عليه وسلم من أفعال وأقوال وتقرير ..
أين هو في المثال السابق ؟
( دعهما فإني أدخلتهما طاهرتين فمسح عليهما ) ..
هذا هو الحديث المرفوع للنبي صلى الله عليه وسلم ...
ناخد كمان حديث للتطبيق عشان تثبت المعلومة إن شاء الله ..
ورد في صحيح البخاري كتاب ( الفرائض ) باب (ميراث ابنة الابن مع بنت ) ...
حدثنا آدم حدثنا شعبة حدثنا أبو قيس سمعت هزيل بن شرحبيل قال :
سئل أبو موسى عن بنت وابنة ابن وأخت فقال للبنت النصف وللأخت النصف وأت ابن مسعود فسيتابعني فسئل ابن مسعود وأخبر بقول أبي موسى فقال لقد ضللت إذا وما أنا من المهتدين أقضي فيها بما قضى النبي صلى الله عليه وسلم ( للابنة النصف ولابنة ابن السدس تكملة الثلثين وما بقي فللأخت ) فأتينا أبا موسى فأخبرناه بقول ابن مسعود فقال لا تسألوني ما دام هذا الحبر فيكم
أين السند ؟
ج : 1- آدم ( آدم بن أبي إياس )
2- شُعبة ( شعبة الحجاج ) ......... مهم جدًا وسنجده كثيرًا في مرويات البخاري ومُسلم وغيرهما وهو ثقة ..
3- أبو قيس ( أبو قيس عبد الرحمن الأودي )
4- هزيل بن شرحبيل ..
أين المتن ؟
ج : سئل أبو موسى عن بنت وابنة ابن وأخت فقال للبنت النصف وللأخت النصف وأت ابن مسعود فسيتابعني فسئل ابن مسعود وأخبر بقول أبي موسى فقال لقد ضللت إذا وما أنا من المهتدين أقضي فيها بما قضى النبي صلى الله عليه وسلم ( للابنة النصف ولابنة ابن السدس تكملة الثلثين وما بقي فللأخت ) فأتينا أبا موسى فأخبرناه بقول ابن مسعود فقال لا تسألوني ما دام هذا الحبر فيكم
أين الموقوف في هذا الحديث ؟ = أين الكلام أو الفعل المنسوب للصحابي ؟
ج : هنلاقي هنا الموقوف متوزع بين صحابيين جليلين ( أبي موسى الأشعري - عبد الله بن مسعود )
فالموقوف الخاص بأبي موسى الأشعري( فقال للبنت النصف وللأخت النصف وأت ابن مسعود فسيتابعني فسئل ابن مسعود ) ..
وأيضـًا ( لا تسألوني ما دام هذا الحبر فيكم ) ..
أما الموقوف الخاص بعبد الله بن مسعود ( لقد ضللت إذا وما أنا من المهتدين أقضي فيها بما قضى النبي صلى الله عليه وسلم )
طيب أين المرفوع ؟ = أين الكلام أو الفعل أو التقرير المنسوب لسيد الخلق صلى الله عليه وسلم ؟
ج : ( للابنة النصف ولابنة ابن السدس تكملة الثلثين وما بقي فللأخت ) ..
أظن بكده تكون تعريفات ( الموقوف والمرفوع ) قد وضحت إن شاء الله ..
ما هو المقطوع ؟
*************
المقطوع , هو ما نُسب إلى التابعي فمن دونه ( مثل تابع التابعي ) ..
وركز معايا في المثال الآتي ..
هناخد ( خبر ) من كتاب إحياء علوم الدين للغزالي , وطبعًا الكتاب ده مينفعش يُقرأ بدون تخريج أحاديثه , لأنه مليان موضوعات وأكاذيب وو.........
وللحافظ العراقي تخريج لأحاديث إحياء علوم الدين ..
المهم هناخد منه قول , يقال أنه حديث , وهو ليس بحديث ولا يصح أن ننسبه لسيد الخلق صلى الله عليه وسلم ..
( الناس نيام فإذا ما ماتوا إنتبهوا ) ....... الخبر ده أورده الغزالي في كتبه إحياء علوم الدين ( مرفوعًا ) ..
يعني إيه ؟